قتلتنا المداهنة

تعود جذور المداهنة والمصانعة والركون إلى الظلمة والمنحرفين ومماشاة الضُلّال، وكلّ ما ابتلي به الوسط الإيماني من السلبية في السلوك والميوعة في معالم الهوية.. إلى أمرين، غرض ومرض:

“غرض”: طمع في مال، فرص للكسب التجاري والإثراء يُـتيحها رمز، ويقدمها وجيه، أو يؤمّنها حزب، أو منصب يتطلع إليه طامح، أو جاه وشهرة يصبو إليها متسلق، يمكن للرمز والوجيه والحزب أن يحققها له، بسلطته النافذة، وآلته الشيطانية (بالأوامر التنظيمية والإعلام).. فتراه يغض عن الضلالات ويتجاهل الانحرافات، ويخرس عن العيوب والسقطات، بل يعمى عن الجرائم والويلات، لا يرى ولا يسمع فلا ينطق، صُمّ بُـكم عُمي!
إنه عالم المصالح والعلاقات، فلماذا يفسدها بلا طائل، ويفرط في منافعها ويخسر مزاياها دون مردود؟!

أو “مرض”: خوَر في النفس وضعف في الروح، يورث الشعور بالصَغار والدونية، ويتملك صاحبه العجز وسقوط الهمة، وكذا الجبن.. يوقع المبتلى في المجاملة والتملق، والمداهنة والنفاق مما ينعكس في جانب أساس منه سكوتاً عن الحق وإغضاءً عن المنكر: ما لي والدخول بين السلاطين؟ سيسحقني هؤلاء الكبار الأقوياء، ماذا عساني أفعل قبل أن تأتيني الصفعة فتودي بي؟! إذن دعني أستأكل وأعيش.

فإن خرج أحدهم عن هاتين الحالتين، لا غرض يدفعه إلى مداهنة المبطلين المنحرفين، ولا مرض يغلبه على الركون إلى الظالمين الجائرين..

فالفرض والوجه ـ عندها ـ ينحصر في الجهل والاستغفال.

فقد يكون أحدهم متعلماً، ولكن لم يخرجه تحصيله العلمي عن تخلف الفكر وسذاجة الذهن، وبقي قابعاً في أمية الوعي، معانياً من تيه البصيرة، يشكو ذبذبة الرأي واهتزاز الشخصية والعجز عن اتخاذ القرار والإقدام.. متطلعاً إلى من يلقنه الموقف الشرعي، فلا يأبى أن يكون قائده ورائده الذي يشخّص له تكليفه متمشيخ تتأجج فيه الشهوات وتضطرم النزعات وتتصارع الجهالات، صفر اليدين من المعارف الإلهية والعلوم الدينية!..

فإن لم يحظَ (لفرط هوانه) بعناية ذاك فأهمله ولم يلتفت إليه، تراه يرتقب إيحاءات العقل الجمعي لترسم له مساره، فيتحرك وفق قرارات الحزب وتعليمات “مراده” تقوده وتأخذ بيده كما يُفعل بالصغار والنساء، لِمَ لا وقد رضي لنفسه طبقة “حلوم الأطفال وعقول ربات الحجال”؟!

ترى الشيب غزا لحيته وتجاعيد الهرم زحفت إلى عنقه وأحاطت بعينيه.. لكن دون خبرة مكتسبة، ولا ثمرة تجارب معاشة، ولا مسكة من عقل تضفي عليه اتزان الكبار وتهبه وقار الأقوياء؟!

لا تدري ماذا كان يفعل طيلة حياته وكيف أضاع عمره؟! وأنت لا تراه إلا في سمْت يوحي بالامتلاء ومظهر يشعرك بالتمكن والاكتفاء! وما الأمر فيه ومنه إلا خواء! حوم في مدار واحد، وسبح في فلك وتر، لم يخرج منه يوماً ولا انفك، أُعجب بشخص فلخّص الدين في فكره، وانتسب إلى حزب فرأى الإسلام متمثلاً به لا غيره! و”مراده” في الحوزات ومحافل العلماء وميدان التخصص القادر على الحكم والتقييم، من المجاهيل النكرات، لا يشخصه أحد ولا يعرفه إلا بإقامة قرين له هالك، ومن باب صيتهم السياسي وشهرتهم في صدم العلم وإعاقة حمَلته، والإضرار بالدين وإضعاف خدَمته!

فلماذا يعشقهم هذا المسكين وماذا وجد فيهم؟! لا تدري!

يضحي في سبيله ولأجل مشروعه بأشرف الفرائض، أي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيبتلى بمداهنة الضُلّال والفجّار، ومجاراة هتَكَة المقدسات، ويقع في معضلة التوجيه لحركات تقوض المذهب وتهدم الدين!.. فيحتضن شخصيات مثل فضل الله والحيدري، وينهض باحتجاجهما، يلتمس الأعذار لهما، ويذود عنهما ويدافع بكل ما أوتي من عزم وقوة، ودهاء..

ثم يوجّه ويسوّغ لكل ذلك ويعدّه من صميم الدين، لذا لن تمسه النار وإن ركن إلى الظالمين!.. وفي أحسن الحالات، أو قل إذا ضاق عليه الخناق وعجز عن الفذلكات المزخرفة والحيَل الموجهة، اكتفى بالسكوت والحياد، وراح يخلط بين المداراة والتقية وبين المضارعة والمداهنة، وبين الأناة والحكمة وبين الغباء والتسويف وذهاب الغيرة، ثم بين صلاح الدين وعز المذهب وبين تعظيم “رمزه” ومصلحة حزبه…

يتباكى على وحدة الكلمة وتوفير الجهد والطاقة ورص الصفوف في الجبهة الداخلية، ومنع النزاع والشقاق والفرقة بين الشيعة…
ثم يسحق كل ذلك بنعله ويدوسه بقدمه حين يتصدى ويثور فجأة، في موقع ما وحالة معينة، لم ير حزبه أن يسكت عنها، فيفتح جبهة ضد تيار شيعي ويشعل حرباً ضروساً ضد جماعة وحزب آخر، تطال رموزه، بل تبدأ بهم، ولا توفر شيئاً ولا أحداً إلا أتت عليه بمعول الهدم ومسحاة القلع والاجتثاث!

فلماذا سكت نفس هذا المداهن المضارع، المتبجح بهذه الشعارات البراقة، عن فضل الله والحيدري، ثم ثار ضد الشيرازي، على الرغم من اتحاد الملاك؟.. لا أحد يدري!
 

هنا ميدان الأكياس وذوي البصائر والحكماء، كما هو مهلكة الأغبياء وأحاديي الرؤية والمتقوقعين الجهلاء…

لقد تركوا أعظم فريضة وأسمى طاعة… وكأن أميرالمؤمنين عليه السلام لم يخاطبنا في قوله: “أمرنا رسول الله أن نلقى أهل المعاصي بوجوه مكفهرة”.. وهل من معصية أعظم من غصب الولاية وادعاء الفقاهة؟! ومن جحد حق أهل البيت والتشكيك في ظلاماتهم، ثم نسف مباني علومهم وهدم قواعد معارفهم؟! وهم يتلقون أهلها بالبشر والسرور، بل يمدونهم بالعون والنصرة!
وفي رواية أخرى قال الصادق عليه السلام: “لآخذن البريء منكم بذنب السقيم! ولم لا أفعل ويبلغكم عن الرجل ما يشينكم ويشينني فتجالسونهم وتحدثونهم فيمر بكم المار فيقول: هؤلاء شر من هذا؟! فَلَو أنكم إذا بلغكم ما تكرهونه زبرتموهم ونهيتموهم كان أبر بكم وبي”.. فلا يسمعون ولا يعون! فحق أن يكونوا شراً منهم وأسوأ.

إن ما بين المداهنة والمداراة، وبين التقية والركون إلى الظلمة.. خيط رفيع لا يميزه إلا الأكياس الحكماء، والبصراء الأتقياء… وإلا فهي شعرة معاوية يرخيها الدهاء هنا ويشدها هناك، وتحكمها المصالح الدنيوية أبداً.
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

قصة قصيرة : “المعارف” أنجس!

«عبدالجبار» ستيني من «الكرادة»، عاش “الزمن الجميل” بأغلب تفاصيله، ومال شطراً من حياته إلى اللهو، حتى دفعه قمع صدام إلى الدخول في الالتزام الديني والتقيد بالأحكام الشرعية: إن كان هذا عدواً للدين فسأكون أكبر المتدينين!

مثقف بعض الشيء، قرأ روايات توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، أكسبته الحياة خبرة تفوق ثقافته، لكنه يفتقد العمق والغزارة، وتعيبه السطحية ولربما السذاجة، يدّعي الوعي والتنوير، ويرفض التقليدية في الالتزام الديني، ويطلق عليها “رجعية”، بل يرمي أتباعها بنمطية جعلت الدين عندهم شيئاً من التقاليد الاجتماعية وأشكال العيش والحياة ليس إلا، لذا يتهمهم بعدم التديّن الحقيقي، ويشكو صوراً من التسيب الأخلاقي مشهودة في الساحة الإيمانية، لا تنكر.

ينطلق دائماً من تعال بل كِبر، مسهب في النقد ومفرط في الاعتراض، لا يعجبه شيء، ويعيش اعتداداً بالنفس يناهز الغرور، يصدر الأحكام على الناس ويقيّمهم سريعاً بلا محاكمة: هذا جاهل، ذاك متخلف، والثالث رجعي، والرابع يفتقد الروحانية، وأغلب المؤمنين ليسوا متدينين!..

أقصاه اللجوء السياسي أو هو في حقيقته لجوء إنساني، إلى بريطانيا، كما فـرّق شمله وشتت عائلته الكبيرة، بين دمشق وبيروت وكوبنهاجن ولندن…

أكثر ما يحزنه ويؤلمه سقوط ما حمل ويحمل من تعاليم دينية وقيم أخلاقية هجر وطنه بسببها، أمام واقع أصبح يعيشه بالعيان والوجدان، يصرخ بمفارقة بين ما يرى في تعامل “الكفار”، وبين ما يشهد من أبناء ملته، وحديث الحكمة يقول: الدين المعاملة.. هكذا كان يكرر، ويلحق بذلك: كل تعاليم ديننا مدّعيات وشعارات جوفاء، هنا الإسلام الصحيح، إنه في الغرب لا في بلادنا، وفي هؤلاء المسيحيين لا في شعوبنا الغارقة في الكذب والدجل والخداع، والفوضى والجهل…

كان معجباً بفرض القانون، في حركة المرور، وفي الإجراءات الحكومية، ومأخوذاً بسلوك الغربيين في التعامل، واحترام حق الآخر ومراعاة مشاعره..

حتى طغى هذا الشعور وحجب عنه رؤية أية سلبية في تلك المجتمعات والبلاد.

كان السماع آخر ما ترك من المحرّمات، فهجر أم كلثوم وناظم الغزالي والبستات البغدادية على مضض، وما زال الحنين يعاوده، فيختلس مقاطع عابرة تطرق أذنه وهو يقلب محطات التلفزيون يبحث عن الأخبار وبعض المسلسلات، قبل أن يعود إلى فضائيته الدينية المفضلة.

وهنا “العقدة” الثانية (بعد الغرب وتقدمه وانتظامه) التي يعيشها ويلاحقها في حياته، ولعلها مترتبة على الأولى: الفضائيات الشيعية..

كان يصنّفها، على الصعيد الفني، في الابتذال والتفاهة، وعلى صعيد الرسالة والمحتوى والهدف، في التكسب والاتجار.. ويراها قنوات دعاية عائلية رخيصة، تستغل الدين وتروج لمرجعية مزيفة، وتمارس الإعلام بسوقية السماسرة، وعاميّة تناهز الأُمية.. إنها طرق إثراء وشهرة، وسبل لأصحابها حتى يخلقوا القوة ويبسطوا النفوذ ليس إلا، والدين بضاعتها ومادتها، ترفع نكرات وتعظم حقراء، تسلط الأضواء على ظلام دامس يضيع فيه المشاهد ليضل ويتيه، ثم تتجاهل نجوماً متألقة في سماء العلم والفضيلة، وتغفل مواقع التقوى ونماذج الورع والزهد والعفة في الطائفة، مما يعدّ مفخرة للدين وعزاً للمذهب.

كان في هذا السأم والضجر، والنقد والشـكوى، حتى ظهرت فضـائية جديـدة ـ على حين غفلة ـ مثّـلت له طوق النجاة.. فهذه الجديدة عقلائية وروحانية، متزنة ورصينة، ثرية بمادتها وجادّة في برامجها، والأهم أنها بعيدة عن إسفاف تلك الخاوية العاجزة، التي قلبت جوهر البرامج التلفزيونية إلى حسينيات يرقى منابرها أسوأ الخطباء، فما أسهل أن تكرر تلاوة القرآن وقراءة مجالس العزاء، وتقول إنك تقدم أثرى وأفضل موضوع، وأعظم وأغنى مادة إعلامية، ودلني على من يرفض أو يتحفظ على ذلك لأهوي عليه بالدرة وأعلوه بالعصا!..

قتلتنا هذه الحزبية المتاجرة بالشعائر والمجالس، كرّهتنا بكل ما يقرب منها، وهي تمجّد عائلة وتعظّم أطفال هذه الأسرة وتخلق نجوماً من شخصيات بالكاد تضيء بقوة شمعة واحدة أو حجر طاقة سريعاً ما ينفد، فيخبو وينطفئ، فتلجأ للتكرار وتدخل في الإسفاف، وسرد قصص وحكايات وكأنها ديوانية وليست منبراً ومحاضرة ودرساً يفترض أن يبث علماً.

كان «عبدالجبار» متحمساً لفضائيته الناهضة وبديله المتألق الجديد، عاشقاً لصاحبها، فهو روحاني حكيم، وتربوي رصين، وعرفاني متفوق، يبث الأخلاق والالتزام بين الناس، وهو ليس من المعممين الانتهازيين الدجالين الذين يستغلون عمامتهم وحب الناس للدين الذي يمثلونه، فيعيشون عيشة الترف والبطر، يثرون ويصبحون من أصحاب الملايين، ويأكلون ما لذ وطاب، ويتمتعون بفاتنات النساء، ويركبون فاره السيارات… إنه ليس من هؤلاء، إنه معمم أصيل، ومتدين حقيقي، ملتزم صادق، وعابد زاهد… إنه يكتفي بالحشائش والخضار، ولا يأكل اللحم إلا مرة كل أربعين يوماً، ويقال إنه يبكي على إزهاق روح الدجاجة والذبيحة التي يأكل!

وكان قد آلىٰ على نفسه أن ينهض بالدعاية لهذه القناة، وحث معارفه وأصدقائه على متابعتها، وكان جل استدلاله على فلاحها ينطلق من مفاضلة ومقارنة يعقدها بينها وبين المبذول في الساحة من التي تتجر بالدين وتتبع حزب عائلة تدعي العلم وتزعم المرجعية… ثم من هالة نورية كان يراها تحيط بعمامة صاحب القناة وهو يلقي دروسه الأخلاقية… ووجه يتلألأ!

وكان ابنه يشاكسه ويمازحه، ويخلط الجد بالهزل فيعارض أباه: إنها قناة تدس السم في العسل يا أبتاه، تروج لحق، تلحقه بباطل… وصاحبها دجال من نوع جديد، أكثر دهاءً وإحكاماً في عمله من أقرانه وسابقيه.. كلهم جنود الشيطان، أولئك يغوون العوام، ويدلسون على السذج البسطاء، وهذا يخاطب المثقفين من أمثالك، ويلتقط ما يسقط من جعبة أولئك ويفلت من شباكهم.. وكلكم صيد إبليس وحصاد منجله!

: ألا تخاف الله؟! كيف تتهم بلا دليل؟!

: إنك تفعل هذا مع غيره! تتهم وتهاجم ولا تكترث! كيف تحمل هنا على الظاهر، وتقرأ ما بين السطور هناك؟!

: لا تقارن، إنها هناك مدرسة باطلة بنيت على مرجعية مزيفة.. وهذا هنا ابن الحوزة.

: بل ابن الدعوة.. هذا حزب وذاك حزب، كل ما هناك نزاع النجف وكربلاء!

: ألا ترى النور في وجهه؟! ألا ترى الهالة فوق عمامته؟!

: إنها خدع تصويرية ومساحيق مبيضة، لا نور طاعة ولا ضياء بصيرة وإيمان.. إنني أعرف هذا الرجل على حقيقته وأنت تعرف صورته التي يريد أن يظهر بها.

ما كان «عبدالجبار» يطيق سماع ابنه الأكبر «سرمد» الذي صار جَدّاً بسببه، وينهره أمام أحفاده وينصحهم: لا تسمعوا لأبيكم، هذا المغرور المتكبر! وكان يلحق ذلك أحياناً فيقول: متهتك لا يعرف الورع.

في صباح يوم الاثنين السادس من أكتوبر ٢٠١٤، بعد الفراغ من زيارة سيد الشهداء عليه السلام في عرفة، توجه «عبدالجبار» وابنه إلى مطار النجف الأشرف، واستقلا طائرة الخطوط الجوية العراقية المغادرة إلى بيروت..

تحركت الطائرة وهما يتلوان أدعية السفر وأذكار الحفظ والأمان، حتى استقرت عند بداية المدرج، فأطلق الطيار كل طاقتها، لتنطلق بأقصى سرعة تجاه الإقلاع فالتحليق…

فجأة! ضغط الطيار مكابح الطائرة المندفعة بقوة، وألجمها بكل ما أوتي من عزم وقدرة، ليوقفها.. ففعل، ولكن بشق الأنفس، وما تيسر ذلك حتى مالت عن مسارها وانحرفت بعض الشيء وكادت أن تنزلق وتخرج من المدرج…

توقفت مع الطائرة قلوب المسافرين الذين كانوا يملأون مقاعدها، وتنفسوا الصعداء، وهدأ الصياح.. وقبل أن يبدأ السؤال والاستفهام عن السبب، أخذ سخط الركاب وسبابهم يعلو! فقد شاهد المطلّون على النوافذ موكب سيارات مظللة، ومعها شاحنة تقطر سلّماً وضع ليترجل الراكب العزيز من السيارة ويصعد ليستقل الطائرة..

كان الركاب يشتمون الوزراء وحتى رئيس الوزراء ويلعنون استغلالهم للسلطة، وأين وصل ذلك وأية حدود بلغ..

ولكن الجميع فوجئ أن “المسؤول” الذي كاد الطيار أن يضحي لأجله بما يقرب من مئتي نفس محترمة، كان هذه المرة شيخاً معمماً!

انفجر «عبدالجبار» وفقد صوابه وأخذ يصيح:

لا يغرنكم هؤلاء المشايخ، إنهم ليسوا رجال دين حقيقيين، إنهم دجالون، هذا ما يشوه ديننا، هذا ما يجعل الناس تنتكس في التزامها، حين يرَوْن عمامة لا تبالي أن تقع كارثة في سبيل لحاقها برحلتها..

أين كنت يا حضرة الشيخ، لماذا علينا أن نبكر إلى المطار ونحرم من مزيد وقت للزيارة، وأنت تصل متى شئت وأنّىٰ طاب لك؟! ألا يفترض في المعمم التقوى؟! أليس من أوليات التقوى مراعاة حقوق المؤمنين واحترام مشاعرهم ووقتهم، وأن لا يبخس الناس أشياءهم؟!

كان «عبدالجبار» يحاول الإفلات من ابنه ليتوجه نحو بوابة الطائرة ليلقن الشيخ درساً لن ينساه..

وفجأة أُسقط في يده وهوى على مقعده، وقد ارتدت أنفاسه كمن دلق عليه دلو من الماء البارد فجأة، شهق شهقة ولم يزفر، ثم استلقى عاجزاً عن الحراك… فقد رأى «عبدالجبار» الراكب المميز والشيخ الخطير…

لم يكن الشيخ إلا مثله الأعلى!

صاحب القناة والمشروع والنهج الذي طالما بشّر به ودعا إليه! إنه الشيخ المتقدس والعرفاني الورع!

عندها لم يملك إلا أن بصق، وقال: أشهد أنك دجال! أشهد أنك أحكمت اللعبة وأتقنت الحيلة حتى غررت بي وخدعتني! “المعارف” طلعت أنجس…

وراح يكررها، وبقي على هذا طوال الرحلة، وهو يلفظ الجيم بالعامية العراقية، وهي في هذه المفردة كالمصرية واليمنية: أنگس.

🔵 مرتكز القصة وأصلها حقيقة، والواقعة حصلت ظهر الاثنين ٦/ ١٠/ ٢٠١٤، على متن الخطوط الجوية العراقية في رحلتها المتجهة من النجف إلى بيروت.. أما نسجها وسبكها فخيال وأدب.

المكابرة وثقافة الاعتذار… أمة لعنتها الزهراء! (١)

استوقفني رجل كبّ على وجهه في حماقة عُدم نظيرها، شتم بها جميع الشيعة بأقذع سبة.. ثم عجز عن أدنى اعتذار، وضعف عن أقل توبة واستغفار، ومضى الأمر بلا حساب ولا عقاب، وكأن العقول تعطلت والمشاعر تيبَّست، وما زالت عرائض التسويف ولوائح التسويغ والتعليل تترى.. حتى تحسب أن الطائفة أخطأت في غضبتها حين قال فيها صاحب النيافة: أبناء حرام!

وقد سبقه كثيرون، منهم “معمم” آخر (عربي شيعي) يكابر بصلافة النواصب ويعاند بجلافة الأعراب، فيهتك كل القيم والمبادئ التي عرفها ودرسها ونشرها، لأن وضع ـ ما يسميه ـ بالمؤسسة الدينية لم يسمح له بتحقيق طموحه في الزعامة والرئاسة… فحمل عموداً من حديد، وراح يخبط كل شيء ويحطم كل بناء، حتى نسب التشيع إلى اليهودية والمجوسية؟!

ولا من بصيص ضمير يضيء في آخر هذا النفق المظلم بالنفاق، ولا من عِرق حياء ينبض في هذه الجثة المنتنة وهي على قيد الحياة!؟.. ووجهٌ بال عليه إبليس وأقسم أن لن يفلح أبداً.

ترى ما السر في عجز شعوبنا العربية عن ممارسة الاعتراف بالخطأ ثم الاعتذار؟ وكذا الاعتراف بالهزيمة ثم البناء؟!

لماذا نهضت شعوب وبلاد هزمت في حروب وانهارت في محن وبلاءات، حتى قربت من المحق والزوال، فتلقت النتيجة بتعقل وإذعان، استسلمت وطأطأت برأسها، وخضعت، وقل إن شئت ذلت.. حتى لعقت جراحها وعالجت آلامها واستجمعت قواها ونهضت من جديد… فكانت ألمانيا واليابان، وكوريا وتايوان، وحتى فيتنام، هذه المغلوبة على أمرها، لها اليوم موقع في العطاء والإنتاج، ما يميزها ويجعلها في معايير الإنسانية متفوقة على انحطاط العرب وذلهم الواقعي الذي يدارونه
بنفخ الصدور وفتل الشوارب، وتبختر هرٍّ يحكي انتفاخاً صولة الأسد؟! لا علم ولا فضل ولا عطاء، لا تطور ولا صناعة ولا إنتاج، لا علاج ولا دواء ولا اكتشاف، استهلاك واستنزاف، هدر وتخلف وسرقات، لهو وفسق وفساد.. ثم تعالٍ وزهو ومكابرة تأبى الاستسلام، ولا تريد الخضوع والاعتراف!
من أين جاء هذا الكبر والخيلاء؟!
وما هذه الصلافة والوقاحة والغباء؟!

والمفجع أنه سلوك عام و”ظاهرة” لا تقف عند القادة والزعماء والمسؤولين والوزراء، بل تسري حتى إلى البيوت والعائلات، فلا أحد يعترف بخطئه ولا أحد يقدم اعتذاراً على ظلم وقع منه، لا الزوجة تقيل زوجها، ولا الأب يتنازل عن سلطانه، ولا الأبناء يشعرون بجرائمهم وما يسببونه من مآسٍ، الجميع ماض في دربه، معانداً مكابراً… يتجاوز أحدهم مركبتك ويتخطى حقك في المرور، وهو يشمخ بأنفه، فسيارته الفارهة تكشف عن طبقته المحصنة التي تقيه رد فعلك، ويخبطك آخر وهو يسير في السوق حتى يكاد يخلع كتفك، ولا يجشّم نفسه عناء كلمة: آسف! بل يرمقك شزراً، مستنكفاً متأففاً، لكن ليس متأسفاً، وحاشا أن يكون معتذراً، فهو ذو بسطة في الجسم، تحصنه من خطر العراك وتأمنه الانتقام.

ووزير يدمر البلاد ويهلك العباد نتيجة فشله وتقصيره، بل فساده وخيانته، فيخسر الوطن ملياراً في مشروع سلقه فبلعه وأهدره، وكان في أحسن صورة عرضه وصوّره.

ويلقم آخر البحر مئات الأرواح، في طائرة منكوبة وسفينة وعبّارة غارقة، حمّلها حجاجاً أو مهاجرين يفرون من جحيمه، فلا يسهر له جفن، ولا تطرف له عين! وما زال يقدم عرائض الحجج والتعليلات ومعلقات الأعذار التي تجعله في النهاية دائناً لا مديناً… فإذا قارنته بوزير المواصلات الياباني الذي قدم استقالته لخطأ تقني أو عطل فني تسبب في حادث قطار نتج عنه ستة جرحى وتأخر الموظفين عن الوصول إلى مكاتبهم! فاستقال الرجل ثم وضع نفسه في عهدة القضاء وحرك الدعوى الجزائية ضد نفسه لينال جزاءه (ناهيك بقرينه الذي انتحر كساموراي شريف!)… تعلم أن هناك خللاً في البنية الفكرية، بل في الروح والطبيعة، وأن ثمة مسخاً حيوانياً أو شيطانياً طال هذه الأمة واستحوذ عليها! وهي ما زالت تتبجح وتتفلسف.

هل عليك أن تكون بوذياً يؤمن بالتناسخ، فيتطلع إلى حياة أفضل في دنياه القادمة التي ستنتقل إليها روحه، حتى تتأدب في سلوكك وتحترم الآخرين في حقوقهم ومشاعرهم؟!

هل عليك أن تكون راهباً في أحد أديرة اليونان أو بطريقاً في إنطاكية أو أسقفاً في الفاتيكان، أو ضليعاً في علم اللاهوت الكنسي، حتى تدرك قبح الخطيئة وتعيش مفهوم التوبة والاستغفار عبر طقس وسر “الاعتراف”؟!

إنني أعتقد أن هذه الأمة مغضوب عليها، سُلبت الرحمة، ونزلت بها نقمة خفية جعلتها ملعونة! ما زالت تُسكنها خسة الحضيض ولوث الضلال، وتمنعها أي نمو وارتقاء، وكل تسامٍ وصفاء!

إنها لعنة لازمت الأمة مذ أعرضت عن الحق وغصبت وارث نبيها وأزالته عن مقامه.. نزلت بها وأصابتها، وقد أطلقتها الزهراء عليها السلام عقيب مأساة وفاجعة عظمى حلت في بيت النبي بعد وفاته مباشرة.

نعم، هي لعنة فاطمة عليها السلام تطال أعداءها… فبعد أن أرجأت نزول العذاب، حين ارتفعت حوائط المسجد وعلا الغبار بعد العج… اكتفت عليها السلام بالدعاء وإعلان السخط وإرسال اللعنة:

أمَا لَعَمْري، لَقَدْ لقحَتْ، فَنَظِرَة رَيْثُمَا تُنْتِج، ثم احْتَبَلُوا مِلْءَ القَعْبِ دَماً عَبيطاً، وَذعَافاً مُبِيداً، هُنالِكَ يَخسَرُ المُبْطِلُونَ، وَيُعْرَفُ التَّالُونَ، غبَّ مَا سَنَّ الأوَّلُونَ، ثُمَّ طِيبُوا عَن دُنْيَاكُم أنْفُساً، وَاطْمَئِنُّوا للفِتْنَةِ جَأشاً، وأبْشِرُوا بِسَيفٍ صَارِمٍ، وَسَطْوَةِ مُعْتَدٍ غَاشِمٍ، وَهَرَجٍ شَامِلٍ، وَاسْتِبْدَادٍ مِنَ الظَّالِمِينَ. يَدَعُ فَيئَكُمْ زَهيداً، وَزَرْعَكُم حَصِيداً، فَيَا حَسْرَتي لَكُمْ، وَأنَّى بِكُمْ {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}.

فَدُونَكُمُوها فَاحْتَقِبُوها دَبِرَةَ الظَّهْرِ، نَقِبَةَ الْخُفِّ، باقِيَةَ الْعارِ، مَوْسُومَةً بِغَضَبِ اللهِ وَشَنارِ الْأَبَدِ، مَوْصُولَةً بِنارِ اللهِ الْمُوقَدَةِ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. فَبعَيْنِ اللهِ ما تَفْعَلُونَ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ منقلب ينْقَلِبُونَ}، وَأَنَا ابْنَةُ نَذِيرٍ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَديدٍ، {فَاعْمَلُوا إنّا عامِلُونَ وَانْتَظِرُوا إنّا مُنْتَظِرُونَ}.

وبعد قريش وخيلائها، والعرب من أتباعها وحملة روحها الطاغوتية ونفسها الشيطانية، التي أورثتها هذا الانتكاس والانحطاط…

ها نحن نرى تلك الروح المريضة تسري وتسكن في مواقع تنسب إلى التشيع والولاء!.. تشكك في مصاب الزهراء وتريد أن تضيع حقها، فينبري هذا ليسوّغ للجاحد الضال، ويقوم ذاك ليزوره ويعوده، وثالث يعزي به ويؤبّـنه، ورابع ينصره ويؤازره وينهض باحتجاجه، وخامس يلحق التشكيك بالمصاب بجحد كل دين الزهراء ومذهبها!.. وهكذا.

لست أدري كيف يعالَج هذا الداء؟ وما السبيل لإخراج القوم من هذا البلاء؟ فأنا لا أفصل هذه الروحية الشيطانية والنفسية الاستكبارية،
عن همجية الإرهاب، وشراسة نحر البشر وتقطيع الأوصال ولوْك الأكباد، ونسف المساجد والحسينيات، وتفجير المدارس والأسواق.. وأمام هذا، لا سبيل إلا أن أقتبس وأقول لهؤلاء، كما قال موسى عليه السلام لقومه:
يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ.
وأعلم أنهم لن يفعلوا.. حتى يحصدهم سيف الحجة عليه السلام (فممن يعود في الرجعة، الذين محضوا الكفر وحملوا راية الضلال) فينكّل بهم مرة بعد مرة، ويثخن فيهم، ويسقي الأرض من دمائهم حتى تروى، ثم يعودون في القيامة الكبرى حصب جهنم هم لها واردون، ثم خالدين فيها أبداً.

الحمى المستباح في لبنان

عندما ترِد أحاديث شريفة ونصوص معصومة توكل أمر الدين إلى الأئمة الأطهار وتمنحهم مقام التشريع والتقنين وبيان الأحكام بمعنى تحديدها، ثم إبلاغها، وتعطيهم حق الرئاسة والقيادة والإدارة، وحق تقدير المصلحة ورسم أُطر الحكمة (من قبيل ما جاء في الجامعة الكبيرة، وفي قوله عليه السلام: إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم، وتصدر من بيوتكم، والصادر عما فصل من أحكام العباد)… تجد بعضهم يتردد ويشكك، ويرى ذلك مبالغة وإفراطاً في التمجيد والتقديس، وغلواً في الحب والولاء!

فإذا نحّوْا أهل البيت جانباً وزوَوْهم عن حقهم وأقصوهم عن دَورهم، تراهم يمنحون قادتهم وكبراءهم ما كانوا يستكثرونه على حجج الله وأوليائه في أرضه، ويأبونه للأئمة المعصومين من آل محمد!… فيعودون ليمنحوه أنفسهم، فيفعلونه ويمارسونه كحق ثابت لهم! وكأنهم هم أولياء الله، وولاة الأمر والنهي، وأصحاب الفصل، وورثة الدين، والقوّام بالحق.

يغيرون ما يشاؤون من الأحكام والعقائد، يزيدون في الشريعة وينقصون، يبتدعون ويخترعون، أو يحذفون ويغيرون، كل ذلك لمصالح ارتأوها، وحِكَم قدّروها، وظروف قرأوها، وتحليلات توصلوا إليها… ولك أن تحكم وتقيّم كم أصابوا في هذا أو أخطأوا.

قدّر أحدهم أمراً، واستحسن رأياً، ورجّح حالة ووضعاً، فقرر تغيير حكم شرعي كما يهوى وتبديله كما يشاء، وإنزال الأمة على رأيه وتقديره! فأصدر قراره، ليأخذ أمره مداه وسعته وحظه من التطبيق والنفاذ بما يتناسب مع قدراته وإمكانياته… اشمأز الرجل من الدماء ورآها شيناً، فمنع التطبير والإدماء، وحتى اللطم الشديد، بل الصرخة والنواح (وكلها مشروعة راجحة في فقة أهل البيت ومذهب الشيعة وشريعتهم) وجنّـد الجند لمحاربة الشعائر الحسينية، فخلق فتنة عمياء وزرع البلاء، وأدخل الشيعة في متاهة من النزاع والشقاق، ما زالوا فيها من عقدين ونيف ولم يخرجوا من أذيالها ولا تخلصوا من عقدها وحبائلها!

وآخر رأى ألَقه ومجده وموقعه من الصيت والشهرة أو جمع ثروته وتكديس أمواله، يكمن في كسب ودّ المخالفين وتسجيل نقاط الإدانة على مذهبه، فجحد ظلامة الزهراء، وشكك في أصل البلاء وأساس النصب والعداء، ثم أراد توسيع دائرة أتباعه فلم يجد أهون من الميوعة وأيسر من التسيب والتهتك، فأجاز بيع الخمور وأباح الاستمناء، وحلل أكل الجري والمحار والصدف البحري، وحكم بطهارة السيخ والنواصب، حتى هلك وما زالت ضلالاته حية، وما زال الناس يفسدون صيامهم وعيدهم وطهارتهم ويملأون بطونهم من حرام حلّله لهم!

وثالث لم يجد “زمزم” يبول فيها ليلفت الأنظار ويحظى بالشهرة التي يتمنى، فحرم زيارة الأربعين على النساء وراح يستخف بالعزاء!

ورابع ضليع بالتجارة والمال، يتربع على إمبراطورية استيراد وتصنيع السكر، أفتى بنقل ذباحة الهدي من منى إلى بلده عملاً بالاقتصاد ومنعاً للإسراف.

وخامس أفلست مسرحياته الهزلية وغلبت السوداوية على تهريجاته السمجة، ففجر فرقعة على حجم ما يتقرقر في بطنه من أرياح وغازات… تريد نقل المرجعية الدينية من الفقهاء إلى الفلاسفة! فلما عجز وبان سخفه وهزاله، دخل في الهذيان وصار يطعن الدين الحق وينسبه إلى الإسرائيليات!

وسادس لم يجد ما يسوّغ زيفه وضحالته، وخلو وفاضه من أي علم وإبداع، فقال بالسلمية في قيام القائم عليه السلام، ونفى القوة والسيف في الظهور الشريف!

وسابع وثامن… وعاشر…

حتى ظهر لنا بالأمس في لبنان من رأى “المصلحة” وقرر خدمة الدولة وإرضاء مفتي السنة بقذف الشيعة كلهم بأنهم أبناء حرام!
هكذا يفتري، من يتبوّأ مقام رئاسة الطائفة في لبنان، على الله والدين والحقيقة فينزل أعداء آل محمد منزلة علي عليه السلام، والمعيار الذي جعله رسول الله له من أن بغضه علامة النفاق وعدم النجابة…

بهذه البساطة واليسر والطيش والرعونة تهتك أحكام الدين والشريعة، وتقلب العقائد والأفكار، ويُعبث في أمر الله…

إنهم يمسخون ديننا، ويتّجرون بمذهبنا، ويستأكلون بآل محمد، ويستبيحون التشيع… وكأنهم يبذلون من حرِّ مالهم، ويصرفون من مؤونة بيتهم ودارهم، ويقتطعون ويهبون ويمنحون ويتصدقون من تركة آبائهم وإرث أجدادهم… لا يبالون ولا يكترثون، لا يعتنون بأحد ولا يخشون ردة فعل ومحاسبة، ناهيك بانتقام!

قهرتنا المداراة فخنعنا، وهزمتنا مصالحنا فداهنّا، ثم دارينا ذلك بزعم الحكمة والروية، وتسترنا بدعوى الفطنة والكياسة، فغُلبنا على أثمن ما نملك، واستبيح أعز حمى وأمنع ذمار.. والجناة يوغلون في الوقاحة وسوء الأدب، لم لا وقد أمنوا العقوبة وضمنوا السلامة!
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.